الثلاثاء، 11 أكتوبر 2011

وآخرتها تفاحة


لا أكتب هنا عن التفاح باعتباره من الفواكه اللذيذة أو فى تقديم وصفة من وصفات طهى الكيك والتورتة المزينة بحباته.

لكن الحديث هنا عن تفاحة غيرت وجه العالم وأثرت فيه منذ بداية الكون فقد كان سيدنا آدم يجلس فى الجنة ومعه حواء ليل نهار وهناك من يوسوس له ويزن على دماغه بتناول الثمرات من تلك الشجرة التى حرمها الله.

يقاوم آدم وابليس النارى يصب ألاعيبه وحيله حتى يخرج أبو البشرية من نعيم الله.

وبين آخذ وجذب وشد وحديث بين حواء وآدم، تنتهى الوسوسة بتناول سيدنا آدم التفاحة من الشجرة المحرمة وينكشف المستور فيخرج ومعه حواء من الجنة ليهبطا إلى الأرض من أجل تعميرها وأيضا للوقوف ضد إبليس.

تخرج البشرية من الجنة لتبدأ رحلة الشقاء فى الحياة الدنيا وتسعى لطريق الجنة من جديد بالعبادة والعمل والإيمان بالله الواحد القهار وتحاول البعد عن طريق النار المخلوق منها ابليس الذى يجلس من أجل غواية البشر وإيهامهم بقدرته على حمايتهم بينما هو ينفذ شروره من أجل أن يكفر أناس ضالون برب العالمين.

بسبب التفاحة يعيش الإنسان فى صراع دائم بين الحق والباطل ومطحنة بين الخير والشر لا تغلق صفحاتها إلا عندما يرث الغفار الأرض ومن عليها.

وتقول حكاية سواء كانت أسطورية أو حقيقية عن "غسلر" الحاكم النمساوى لأحد أقاليم سويسرا أنه علق قبعته على عمود فى الساحة العامة باعتبارها رمزاً للسيادة النمساوية على البلاد، وأمر كل من يمر بالساحة أن ينحنى احتراماً لتلك القبعة.

لكن أمام كل حاكم معروف عنه الاستبداد يخرج ثائرا لا يعرف الخوف وهنا ظهر فى الساحة "وليم تل" الذى رفض الانصياع لهذا الأمر، فيحكم "غيسلر" على "وليم تل" بأن يحضر ابنه الذى بلغ سبع سنوات ويضع على رأسه تفاحة ثم يأمره بالنشان على التفاحة وإلا يتم إعدام كل أسرته.

ولك أن تتخيل المشهد العصيب الذى يقف فيه الأب ليحاول إنقاذ أسرته سواء بحمايتها من الإعدام أو بحماية ابنه من الموت بيديه.

لكن وليم تل يقف حاملا سهمين ويصوب سهمه بتجاه التفاحة فيفلح مراده ويقف "غيسلر" الطاغية مبهوتا لا يصدق ما يجرى أمام عينيه.

وينجو وليم تل وأسرته ويسألوه وقتها فى القرن الرابع عشر الميلادى لماذا رفع سهمين لإصابة هدفه؟

فيجيب عليهم بأنه حمل سهمين حتى إذا أخطأ وقتل ابنه فيوجه سهمه الثانى مباشرة نحو رقبة غيسلر.

تفاحة غيسلر ستؤدى به للهلاك حيث التف أهل سويسرا حول وليم تل الذى اغتال غيسلر بعد ذلك، فكان صنيعه ذاك بمثابة دعوة للشعب السويسرى إلى الثورة على الحكم النمساوى.

وفى يوم كان يجلس مستندا إلى شجرة ويستريح من عناء عمل شاق وفجأة هبطت عليه تفاحة فأمسكها ثم سأل نيوتن نفسه: لماذا لم تسقط التفاحة لأعلى؟


رمى نيوتن السؤال لكنه حاول مسك إجابته عبر التجارب حتى وصل لقانون الجاذبية الأرضية ومنه تم التوصل لاكتشافات ومخترعات هامة فى حياتنا البشرية بناء على سؤال طرحه نيوتن وحاول الإجابة عليه.

بسبب تفاحة نيوتن تغير وجه البشرية لأنه وقتها لم يكن جائعا فأخذها وأكلها لكنه فكر وتساءل ليصل إلى جواب، فالإنسان بلا سؤال وبحث يعيش تائها، لكنه بالبحث والسؤال والمعرفة يستطيع أن يزن أموره ويتخذ قراراته بوعى دون أن يتصرف بشكل عميانى ويسير مسيرة القطيع فيصفق لهذا ويهلل لذاك ويرفض هؤلاء وذلك ليس عن قناعة منه وإنما لضيق عقله الذى أمره بالوقوف عن نعمة التفكير.

أما اليوم وبعد صراع مع السرطان توفى ستيف جوبز صاحب التفاحة المقضومة الشهيرة برسمتها على أجهزة الكمبيوتر.

واسمحوا لى أن أقدم لكم شخصيته التى كتب عن فضلها فى "الثورة التكنولوجية التى أحدثها، قورن ستيف جوبز بعظام من أمثال توماس اديسون وألبرت آينشتاين وولت ديزني، وقطعت محطات العالم الإذاعية والتلفزيونية برامجها العادية لبث نبأ وفاته عن 56 عاما حافلة بالإبداع والمجد".

"ووفقا للعديد من التحليلات التى خرجت بها وسائل الإعلام الدولية بعيد إعلان وفاته فثمة أمران تميز بهما هذا الرجل: الأول سعيه إلى «الجمال فى التكنولوجيا»، والثانى إصراره الجبار على الاعتماد فقط على غريزته الإبداعية وتقديم ما يرضى الجمهور.

الجدير بالذكر أن ستيفن بول جوبز هو مخترع وأحد أقطاب الأعمال فى الولايات المتحدة، عرف بأنه المؤسس والمدير التنفيذى السابق لشركة أبل، وكان الرئيس التنفيذى لشركة بيكسار ثم انتقل إلى مجلس إدارة شركة والت ديزنى على أثر صفقة استحواذ انتقلت بيكسار بموجبها إلى ملكية ديزنى.

كان جوبز فى أواخر السبعينيات قد قام مع شريكيه ستيف وزنياك ومايك ماركيولا، وآخرون بتصميم وتطوير وتسويق واحد من أوائل خطوط إنتاج الحاسب الشخصى التجارية الناجحة، والتى تُعرف باسم سلسة أبلll.


وفى أوائل الثمانينات جوبز كان من أوائل من أدركوا الإمكانيات التجارية لفأرة الحاسوب وواجهة المستخدم الرسومية، الأمر الذى أدى إلى قيام أبل بصناعة حواسيب ماكنتوش.

يقولون عنه إنه الرجل الذى غير ملامح العالم بتفاحته الالكترونية فهو أدهش الملايين خلال سنوات عمله حين مكّن كل شخص من "لمس العالم". وضع العالم بأسره فى هاتف ذكى وقال للبشرية "المسوه".

رحل جوبز وترك العلامة الشهيرة على الحواسيب الالكترونية، رحل وبقيت تفاحته.

إنها حقا تفاحات لها تاريخ بل فى كل وقت تظهر تفاحة تغير حياة التاريخ.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Design by - mohamed ibrahem