الخميس، 13 أكتوبر 2011

ليست فتنة لكنها أزمة


كل من يرى أحداث ماسبيرو على أنها مجرد صراع طائفى، إما أنه متعصب سواء مسلم أو مسيحى، وإما أنه لا يُدرك حقيقة الأزمة التى تمر بها البلاد، وحقيقة التآمر على الوطن وعلى الثورة، فأتذكر مشهد ضابط الجيش المصرى "ماجد بولس" المعروف "بأسد التحرير" حينما حمى الثوار من هجمات البلطجية فى ميدان التحرير، ورغم أنه قبطى وينتمى للجيش، قام بحماية المدنيين مسلمين وأقباط، وأتذكر الدماء المصرية التى أرُيقت أثناء الثورة برصاص غادر لم يفرق بين الثوار المسلمين أو الأقباط، ودماء الشهداء التى أرُيقت برصاص إسرائيلى فى نكسة 1967، وأيضاً دماء شهداء حرب أكتوبر 1973، وغيرها من الأحداث التى تؤكد التلاحم المصرى وصفاء الوحدة الوطنية، إذاً فلنتفق أنه لا توجد فتنة أصيلة بين مسلمى ومسيحى مصر.
أما الإحساس بالفرق بين المسلم والمسيحى، فنحن من نصنعه ونصنع معه الأزمة، ونستخدمها فى تهديد أمننا وأمن الوطن، وبأساليب مختلفة، ومنها:
1ـ عدم احترام بعض المواطنين للقانون أو لعدم خوفهم من العقاب، مثل قيامهم بهدم جزء من كنيسة ماريناب بأسوان، نتيجة مخالفة الأقباط لشروط تراخيص بنائها، وعلى الرغم من مخالفة الأقباط، إلا أنه لا يحق للمواطنين العاديين إصلاح الخطأ بالخطأ، ومن حق الجهة المسئولة فى الدولة فقط أن تواجه الأمر.
2ـ غياب دور الشرطة نهائياً عن مواجهة الفوضى وأعمال البلطجة، وفى رأيى إذا كان قد صدر أمر بالقبض على من اعتدوا على الكنيسة والكنائس التى سبقتها، وتقديمهم للمحاكمة، لما زاد غضب الأقباط إلى هذا الحد.
3ـ الدور السلبى الذى قام به محافظ أسوان فى الأزمة، لأنه يُدير شئون المحافظة بنفس عقلية النظام السابق.
4ـ عدم استجابة المجلس العسكرى لمطالب الأقباط وترسيخ أسس المواطنة، وترك الفرصة لتوليد احتقان تجاه سياساته.
5ـ لجوء عدد من الأقباط للتظاهر، للدفاع عن قضية، تُمثلهم وحدهم، مما يُعد فى حد ذاته نوع من التمييز بينهم وبين باقى المصريين، فكان من الأولى بذل جهد أكبر فى التفاوض مع السلطة لتطبيق قانون دور العبادة، وتجنب التظاهرات التى تنتهى بأعمال عنف.
5ـ الأعداء المتربصون بالثورة المصرية (فلول الحزب الوطنى والنظام وهم مصريين أيضاً)، ويبذلون قصارى جهدهم، ويدفعون أموالهم لتسخير البلطجية (مصريين أيضاً) لنشر الفوضى وأحداث العنف، حيث قام البلطجية بارتداء الزى المدنى والاندساس وسط المتظاهرين الأقباط، وإطلاق الرصاص على قوات الجيش فجأة، مما جعل قوات الجيش تتصور أن المتظاهرين مسلحين، وبالتالى رد الجيش بإطلاق الرصاص، وكان هدف الفلول إحداث الوقيعة بين الطرفين وتأجيل الانتخابات ومنع تطبيق قانون العزل السياسى، وإلهاء المصريين عن متابعة محاكمة قيادات النظام أو المطالبة بالقبض على الهاربين فى الخارج، وإثبات فشل المجلس العسكري، والتأكيد على أن نظام مبارك كان يحقق الأمن.
6ـ عدم إصدار النائب العام قرار فورى بالقبض على أحد الشخصيات المنتمية للنظام السابق والمعروف بظهوره فى أحد وسائل الإعلام -منذ أيام- ليُهدد أنه فى حالة تطبيق قانون العزل السياسى، سوف ينشر البلطجية ليخربوا البلاد.
وبالإضافة لمشاركة هؤلاء المصريين بالدور الأكبر فى نشر الفوضى وهدم الثورة، إلا أن هناك الأفعى الكبرى "إسرائيل" التى لا تدخر جهداً فى "بخ السم" للقضاء على حياة الثورة، والدليل: أن أحداث العباسية قد وقعت يوم الاحتفال بذكرى ثورة 23 يوليو، كما أن مذبحة ماسبيرو وقعت عقب الاحتفال بذكرى 6 أكتوبر، وبعد تحليق الطائرات الحربية فى سماء مصر لثلاثة أيام، والتى كانت تحمل رسالة إلى إسرائيل تؤكد أن مصر قوية بجيشها وشعبها، وجاء رد إسرائيل أرادت أن مصر ضعيفة بثغرة الفتنة الموجودة فيها.
أما الكنيسة المصرية فيقع عليها اللوم كثيراً وكثيراً، فمن حق الأقباط التظاهر السلمى لأنهم مصريون، ولكن ليس من حقهم أن يتظاهروا كفئة مختلفة عن باقى المصريين، وكان على الكنيسة أن تمنعهم إذا كانت ظروف البلد لا تسمح بذلك، أما أن تقول لهم "أذهبوا فأنتم الطلقاء، وتلزم الصمت"، فهو أمر غير مقبول، خاصة مع إصرارهم على التظاهر أمام ماسبيرو ومحاولتهم اقتحامه أكثر من مرة، لأن هذا المشهد يعيد إلى الأذهان السيطرة المشروعة للضباط الأحرار على مبنى ماسبيرو عام 1952 وإعلان بيان الثورة، ثم سيطرة الجيش بشكل مشروع عليه عام 2011، وإعلان بيان تولى المجلس العسكرى للسلطة، فماذا يريد الأقباط باقتحامهم لمبنى ماسبيرو الآن؟ ولماذا تصمت الكنيسة؟؟.
فكل ما سبق يؤكد على أنها ليست فتنة، ولكنها أزمة يتسبب فيها الجميع وتحتاج لحل، والمطلوب الآن، وقبل أى شيء:
1ـ حماية المصريين لمصر دون شروط، وإدراكهم لحقيقة التآمر الذى يٌدبر ضد البلاد والثورة، وأن ننحى جانباً الولاءات التحتية، ونقدس الولاء الأسمى "القومية المصرية".
2ـ أن تحمى وزارة الداخلية أمن البلاد وأن تطبق قانون الطوارئ الذى أدعت أن عودة العمل به جاءت للقبض على البلطجية، وتخليص البلاد من هؤلاء المأجورين الذين لا يعرفون سوى عبادة المال.
2ـ تطبيق قانون رادع على كل من يقوم بالاعتداء على الكنائس أو المساجد وتحويله إلى المحاكمة العسكرية الفورية.
3ـ إصدار الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء قرار بإقالة السيد المحترم محافظ أسوان.
ورغم اعتزازى بكونى مسلمة ورغم احترامى للأقباط، إلا أن كلمة "أنا مصرى وأنا مصرية" أغلى بكثير، فلابد أن نحافظ عليها ونحترمها، وأن يكون لها الأولوية وبصدق قبل أى انتماء آخر، وإن كان لنا حق، فمصر لها حق علينا أيضاً، ولابد أن نفضل استقرارها على حساب مصالحنا، وألا نهدد أمنها نتيجة فهمنا الخاطئ للدين ولأصول المواطنة، ونتيجة سياسات عاجزة عن حماية البلاد.
حمى الله مصر، وألهم أبناءها من الجيش والشعب الصواب

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Design by - mohamed ibrahem