الخميس، 13 أكتوبر 2011

حرية لا تنفع وطوارئ لا تضر


خُيّر رجل ما بين الحرية والخبز فاختار الحرية فلما رأى ابنه يعانى من آلام الجوع سارع بسرقة الخبز! ليست نكتة بقدر ما هى تعبير عن واقع مؤسف يدفع بالوطن دفعًا نحو الهاوية من مرتزقة الفكر الذين يمارسون فن التمثيل على خشبة الإعلام، وأشباه حزبيين وثوريين جدد مارسوا فن الغناء القبيح وانفصلوا بالكلية عن شعب يعانى بشدة من انفلات أمنى جعله يحن لعهد بائد!!

عجبت بشدة ممن يدفعون باتجاه إلغاء قانون الطوارئ فى ظل مناخ مروع للآمنين وحوادث قتل وبلطجة وسرقة وكأنهم يدفعون بالوطن إلى فوضى مقصودة هدفها حماية القتلة والدفاع عن حقوقهم الإنسانية ضد الضحايا، الذين ليس لهم أى حقوق فى عرف هؤلاء بما يشير إلى نية مبيّتة من جانبهم لتفعيل شريعة الغاب، حيث تدرك الضحية أن غياب القانون الحامى لها ووجود القانون الداعم للقاتل يدفعها للقتل! لإدراك قانون حماية القتلة!! بما أن قانون حماية القتيل غير موجود.
أى عته هذا الذى نعيشه وكيف نسمح لهؤلاء المرتزقة أصلا أن يمارسوا فن التمثيل والغناء علينا وأن يعبثوا بأمن ومقدرات ومكتسبات وطن هو كل ما نمتلكه الآن!!

وكأنهم قد أصيبوا بالعمى لايرون احتياج الوطن للعودة من جديد قويا بحيث ندفعه للتعافى بعد عهود سقط فيه فى دوامة الفقر والجهل وهؤلاء يسقطونه من جديد بمحاولة إسقاط أداة الردع الوحيدة المتبقية فى الوطن ألا وهو المجلس العسكرى، وكأن الرسالة التى يهدفون إليها أن اهدموا البيت على من فيه كى يعيش الركام!!

نعم نحن نرفض وسائل التعذيب غير الآدمية ومع احترام كرامة المواطن لكننا ندعم إجراءات استثنائية خاصة لمعالجة وضع استثنائى صعب وليس أشباه الثوار بأحرص على الوطن من أغلبية ضاع صوتها لسلبيتها الدائمة ووقوفها موقف المتفرج الكسول الخائف!

عن أى حرية ينادون! وبماذا تفيدنا فى ظرف ومناخ غير عاديين؟!

أم تراهم يمنحون الشعب مزيدًا من الفوضى بالمظاهرات وإشعال الفتن وتغذية مطالب فئوية وتدعيم إضرابات معلمين وجامعيين وسائقى نقل عام حتى يعجز المجلس العسكرى وحكومة باتت بلا هيبة تنتقد بمناسبة وغير مناسبة, ثم يتحدثون عن فشل ذريع لمن حملوا أمانة وطن والحق أنهم هم من افتقدوا أمانة المواطنة!

على إحدى القنوات الفضائية قالت من وصفتها القناة بناشطة سياسية إن الذين نزلوا الشارع لكى ينددوا بقانون الطوارئ هم من رفضوا أن يُضربوا على قفاهم وأن من جلس فى بيته يعجبه أن يأخذ على قفاه! وللأسف هذا التطاول يعكس فقرًا شديدًا فى التفكير بما يشير إلى أن من يؤثر فى مصير الوطن الآن ناقصو إدراك وبصر ويفتقد المشاعر اللازمة للإحساس بالناس.

المسألة ليست فى الدفاع عن الحرية وحقوق المواطن بقدر ما هى دفاع عن وطن يمتلئ بالدخان وهم يدافعون عن حق المواطن فى ألا يرتدى الكمامات الحامية لها!

من المؤسف أن يدافع أحد عن قانون الطوارئ! أدرك ذلك جيدا لكن ذلك يعكس مدى الخطر المحدق بالوطن وليقرأوا الإحصائيات التى تقول إن القوات المسلحة أحبطت تهريب كميات مهولة من الأسلحة الثقيلة عبر ليبيا وإحصائيات وزارة الداخلية تقول إن 40000 قطعة سلاح مسروقة فضلا عن انتشار غير طبيعى للمخدرات والسهولة التى تأتى بها, كل ذلك يشير إلى وضع غير طبيعى يحتاج إلى معالجة غير طبيعية.

إذا اجترأ البلطجى على رجل الشارع العادى ولم يخش رجل الشرطة وتحداه فهذا وضع غير طبيعى يحتاج لمعالجة غير طبيعية وحجتهم أن طبقوا القانون! والسؤال من الذى سيطبق القانون إذا كانت الشرطة حتى الآن تقتحم مبانيها وتحرق عرباتها!! أهذا وضع طبيعى أم وضع استثنائى؟

إذا كان وضعا استثنائيا فيحتاج إلى إجراءات استثنائية لأنه من غير المعقول أن تستطيع الإجراءات العادية معالجة مثل هذه المواقف الصعبة، وقد يتناسون هؤلاء الجهابذة أن وطنا بلا رئيس ومجلس شعب ومجلس شورى هو وطن يعيش فى ظروف غير طبيعية ولا تستطيع ضبطه بقوانين عادية.

والسؤال الآن هل تنفعنا حرية فى غياب القانون!! وماذا يضرنا قانون الطوارئ إذا كان يحمينا من الخارجين على أمن الوطن والمهددين لمواطنيه؟

لماذا أصلا يرفضونه إلا إذا كانوا قد فقدوا الثقة بالمجلس العسكرى وإدارته لشئون البلاد وهم ينسون أنهم قطعوا الطريق على الرئيس السابق فى استعادة زمام الأمور ونسوا أنهم انحازوا للشعب على حساب أقلية أفسدت الوطن.

أم تراهم يريدونها دولة بلا شرطة وبلا جيش وبلا قانون!

ويريدون أن يحكموا هم الذين لم يبلغوا بعد حتى طور المراهقة السياسية وبقوا فى سن الطفولة يصيحون ويضربون الأرض بأقدامهم عندما لا يستجاب لمطالبهم.

إن هؤلاء ولهم الحق فى إبداء الرأى لكن فرضه وإحداث الفوضى فى المطالبة به ودعوتهم للعصيان هى ما ينبغى أن نقف أمامه بكل حزم حتى لا يتولى أمورنا أطفالنا! والوطن مثل السفينة كلنا بداخله ولا يحق لمن فى أسفلها أن يحدثوا ثقوبا بها لأننا فى أعلاها سنغرق معهم.

الرسالة التى نوجهها إلى المجلس العسكرى الآن وأنا أعبر عن صوت أغلبية ساحقة فى المجتمع تتكون من رجل الشارع البسيط والموظف والفلاح والذى يكسب قوت يومه يوما بيوم وربات البيوت, إننا نرى فيكم أملا فى العبور بالوطن إلى الشاطئ حيث الأمن والازدهار.

فى تلك اللحظة التاريخية ندعوكم إلى أن تضربوا بيد من حديد على كل من تسول له نفسه العبث بأمن الوطن وزعزعة استقراره وإهدار مقدراته وتضييع مكتسباته فعندما قبلنا تسلمكم للأمانة أعطيناكم تفويضا لأننا رأينا فيكم القوة والرشد والعقلانية وحب الوطن.

لا تلتفوا إلى هؤلاء الصبية فهم يخدمون أفكارهم ومصالحهم الشخصية، أما أنتم فتخدمون الوطن، وأعتقد أن التاريخ سيخلدكم لأنكم الجيش الوحيد فى المنطقة العربية، الذى خاض حربا مع كيان صهيونى عنصرى وأعاد للعرب كرامتهم وحطم أسطورة العدو الذى لا يقهر.
لا تلتفتوا إلى من ينادون بإدارة مدنية فهم ينادون فى الحقيقة بالفوضى وإسقاط الوطن وهؤلاء لم يلتفتوا إلى أنكم أصلا مدنيون قبل أن تكونوا عسكريين.

الشعب لم يخترهم أصلا لأنهم غرباء عن الشعب ولا يشعرون بآلامهم ولا تخوفاتهم ولا يخافون على أعمالهم التى توقفت بسبب إضراباتهم المستمرة، وإنما نحن اخترناكم لثقتنا بقدرتكم ونحن معكم فى أن نتجاوز تلك اللحظة الصعبة والفارقة فى تاريخ الوطن.

نحن نعلم يقينا أنكم بتوفيق الله أحبطتم مخططا كان موضوعا لإسقاط الوطن وعندما أعطينا وجهنا للأحداث الجارية فهمنا مدى حبكم للوطن وإخلاصكم له فأنتم لم تتعاونوا مع حلف الناتو ولم تأخذوا أموالا من جهات أجنبية، ولم تقتلوا مصريا بريئا ورأينا حرصكم على ألا تسال قطرة دم واحدة من مصرى.

أما هم فقد أعطوا ظهورهم للحقيقة لذا غاب الفهم عنهم وبقوا من العمى لا يرون حقيقة الشمس فى ضحاها!!

ليست الحكاية فى إلغاء قانون الطوارئ من عدمه بل الحكاية هى حكاية وطن إما أن نكسبه أو نفقده.

وإذا فقدنا هوياتنا فسنظل ندور الأرض كى نبحث عن قطعة أرض توارينا ولن نجد قطعة أرض غالية بمثل مصر التى هى أغلى وطن تستطيع أن تكسبه وإذا كان الوطن فى أيدينا فلماذا لا نحافظ عليه؟

ماذا يراد بمصر إذ يتجمع حوله الحمقى والمتآمرون ومن صدقوا أنفسهم بأنهم نشطاء سياسيون وحزبيون متورطون مع عهد بائد من قبل وجماعات محظوظة فتحت أمامهم الشاشات الفضائية الرسمية والثورية علهم يرضون ولا يرضون! وكأنها كعكة يريد الجميع اقتسامها!

لا سبيل سوى الحزم وأن يقود المجلس العسكرى الفترة الانتقالية بمزيد من القوة وفرض ما هو فى صالح الوطن حتى ولو بتطبيق قانون الطوارئ فما عساها حرية تنفع وأمان يضيع وما يضرنا لو طبقنا قانون الطوارئ!!

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Design by - mohamed ibrahem