الأحد، 16 أكتوبر 2011

على أرض ماسبيرو بكت السماء

لم تبك ليلة الأحد الماضى مصر الثورة فقط، بل أزعم أن السماء قد بكت أيضا. إن الله عز وجل قد حرم القتل إلا بالحق وأمرنا بالحفاظ على النفس الإنسانية بغض النظر عن جنسها أو ديانتها التى تتبعها، شىء مرعب ما حدث فى مظاهرات ماسبيرو من سفك دماء بضعة وعشرين نفسا مسيحية، بالإضافة لمئات المصابين. وذلك فى أعقاب تظاهرهم اعتراضا على إحراق وهدم كنيسة المريناب بأسوان على أيدى بعض الموتورين المنتسبيت للإسلام زورا وبهتانا.

إذا شئنا الحق فإن سبب تظاهرهم لم تكن حادثة المريناب فقط لكن لشعورهم وهذا صحيح ببعض الظلم الواقع عليهم. لا ينكر أحد أن ما حدث ليلة الأحد الدامى قسوة فى التعامل مع هذه التظاهرة والدليل على ذلك عدد الموتى والمصابين، علمنا أن الإخوة المسيحيين قد تجاوزوا الحد فى طريقة تعبيرهم عن غضبهم لكن هذا ليس مبررا كافيا لممارسة العنف ضدهم بهذه القسوة.

لاشك أن الفتن التى حدثت بين مسلمين ومسيحيين منذ إزاحة مبارك عن الحكم لم تكن هى الوحيدة وليس المرة الأولى، ولكن هناك العديد من تلك الفتن التى حدثت فى الماضى. الغريب أنها ازدادت فى الثلاثين عاما السابقة من حكم مبارك، حتى يحتفظ مبارك بالحكم كان نظامه وخاصة أجهزته الأمنية وأبواقه الإعلامية يعملون على إزكاء الفتن بين المسلم والمسيحى، وتمثل ذلك فى أمور شتى فقد كانت أجهزته الأمنية تعطى إشارة إلى المسلمين أنها بجانب المسيحيين وتمثل ذلك فى فترة من الزمن، حيث أى مشكلة تحدث بين مسلم ومسيحى مهما كانت بساطتها يذهب الاثنان إلى مباحث أمن الدولة وفى بعض أقسام الشرطة كان يحترم نوعا ما المسيحى فيستشاط المسلم غيظا وكمدا، وكان يلجأ النظام السابق أيضا إلى الحلول العرفية، مما أدى إلى شيوع مقولة إن مبارك مع المسيحيين وقد أحس الكثير من المسيحيين أن مبارك بجانبهم ويحميهم من التيارات الإسلامية المتشددة عامة.

حتى أننى أعلم أن الكثير من المسيحيين قد حزن حزنا شديدا لإزاحة مبارك وهذا ما أكده لى صديق مسيحى!! وكان نتيجة سياسة مبارك ونظامه أن وقعت أحداثا طائفية بكثرة فى عهده مما أعطاه مبررا لفرض ومد حالة الطوارئ فترة حكمه.

المشكلة ليست فى إحراق كنيسة أو هدمها المشكلة أن هناك مطالب عدة للأقباط و لهم الحق فيها، كما أن هناك تمييزا واضحا ضدهم يتمثل فى عدم اعتلائهم مناصب مدنية تنفيذية كمحافظين أو رؤساء جامعات أو عمداء كليات.. الخ.

كما أن هناك حالة احتقان بسبب تصريحات لبعض الدعاة والشيوخ المنتسبين إلى الإسلام والإسلام برىء منهم مثل فرض الجزية عليهم وأنهم درجة ثانية وعاشرة.... إلخ من تصريحات أدانها علماء الدين والمفكرون الإسلاميون.

كما ينبغى علينا ألا نتناسى أن هناك أياد خفية بالفعل تريد العبث بأمن مصر فى هذه الفترة، وكلما شعرت تلك الأيادى بحالة من الاستقرار تبدأ هى فى زرع الفتنة وإعادتها مرة أخرى منهم الفلول، بعض دعاة مخترقون ومنهم بعض قيادات كنسية ورجال أعمال يريدون ممارسة السياسة، ولكن من وراء حجاب ويحنون لعصر مبارك الذى ولى، وربما مثلما خرج السلفيون والجماعات الإسلامية التى أرادت أن تحجز لها مقعدا أو إثباتا وتأكيدا على وجودها فى مظاهرات مليونية ميدان التحرير ربما أراد الكثير من الإخوة الأقباط إثبات أنفسهم واستحضار صورتهم بأنهم موجودون فى مصر وهذا من حقهم.

هناك أيضا إعلام حكومى يتميز بالغباء يزيد الطين بلة بنفاقه واستفزازه للجميع وممارسة دوره ونفاقه مع السلطة الجديدة، إننى أؤكد أن هناك خطة مرسومة ومدروسة لوأد الثورة وأى بارقة أمل فى مصر حتى لا يحاسب الفاسدون من رموز العهد السابق وحتى لا تنتشر الثورة خارج الحدود. إننى من هنا أنادى المصريين جميعهم حافظوا على ثورتكم ووحدتكم حافظوا على أرضكم ولا تغرسوا الحنظل والمرارة بينكم فيحصده أبناؤكم من بعدكم.

كما أطالب الجهات المعنية من قضائية وأمنية العمل بكل جد وإخلاص ووطنية من أجل الكشف عمن قاموا بسفك هذه الدماء الطاهرة والأرواح النقية والتى صعدت إلى بارئها حتى نمكن لدولة القانون والمواطنة.

كما أرجو الجميع عدم التهييج ونشر الأكاذيب وترويج الشائعات حتى لا تبكى السماء على مصر كلها. وليظل شعارنا المصريون يد واحدة.


0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Design by - mohamed ibrahem