الثلاثاء، 20 ديسمبر 2011

من يربد أن يشعل الحرائق فى مصر؟!

إن المتأمل لإيقاع الأحداث الدامية التى يشدها المجتمع المصرى، من صراعات هستيرية ودامية، وحالة الدفع بقوة بمجتمعنا المصرى نحو فوضى عارمة. إنما يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، بأن هناك قوى داخلية وأخرى خارجية تسعى بخطط منهجية نحو ترسيخ تلك الفوضى والعمل على تعميقها واستمراريتها.

والهدف من ذلك هو قطع الطريق على المصريين جميعا من استكمال عملية الانتقال من مجتمع عاش على مدار أكثر من ثلاثة عقود فى قبضة قوى الفساد الاقتصادى والاستبداد السياسى والظلم الاجتماعى، إلى مجتمع التحول الراديكالى الديمقراطى السلمى، مجتمع الحداثة، القائم على بنية الدولة المدنية القوية. تلك الدولة التى تعتمد فى قوتها على الديمقراطية الحقة بجناحيها الحرية والعدالة الاجتماعية، ويشد من عضدها نهوض اقتصادى قوى ومتسارع فى ذات الوقت. تضمنها دولة القانون الراعى الحقيقى للتداول السلمى للسلطة .

وقد يظن القارئ أننى ضد حرية الرأى والتعبير والحق فى التظاهر السلمى والاعتصام، أننى لست ضد أى حق من حقوق الإنسان، غير أن السائل والمتخصص فى قضايا العلم الاجتماعى والسياسى يعلم تمام العلم أن التظاهر والاعتصام هى أحد الآليات المشروعة فى إدارة الصراع الاجتماعى والسياسى داخل المجتمع ضد الظلم والاستبداد، ولكنها منهجيا لا تستخدم إلا فى مراحل متأخرة من عمليات الصراع الاجتماعى . لأن هناك آليات متعددة للوصول إشباع الاحتياجات وتحقيق المطالب المشروعة ولكنها لم تستخدم بعـد.

إن مشهد حرق المجمع العلمى المصرى، يكشف لنا أن الذين سعوا لإحراق المجمع العلمى ليس مجرد فعل همجى غاشم بحرقة لمؤسسة وطنية، إنما هو سلوك رمزى يريد فاعله الهمجى الفلولى تدمير مصر كلها.

إن المستفيد الأول لدفع حالة الفوضى داخل المجتمع المصرى هو الديكتاتور المخلوع مبارك ومعه حاشيته الفاسدة من رجال الأعمال المخربين، الذين طغوا فى البلاد فأكثروا فيها الفساد ولكن ربك لهم بالمرصاد.

لقد كشفت الأيام القليلة الماضية عن مدى الأنانية والانتهازية المفرطة التى تسيطر على عقل ووجدان القوى السياسة التى تريد أن تصعد وتستولى على سدة الحكم، ولو على مزيد من دماء المصريين، ولو على هدم الدولة المصرية ذاتها ولو على إحداث الوقيعة بين الجيش وشعبه.

وهذا ما دعا الفريق سامى عنان لتوجيه تحذير شديد اللهجة للإعلام المصرى أثناء حديثه للضباط بالمنطقة المركزية قائلا "يا من تقولون إن الجيش يقتل الشعب فجيش مصر مات من أجل الشعب فى السويس والإسماعيلية ولم نعلن عن من يموت من أبنائنا حتى لا يحدث توتر". وتابع لقد أهملنا فى حق أولادنا كثيرا وكل يوم يسقط من ضباطنا المزيد والمزيد ووجه حدثيه للإعلام قائلا "على الإعلام المصرى أن يعرف أننا لن نقف مكتوف الأيدى كثيرا تجاه تحريضهم الواضح ضد الجيش". وكشف عنان عن مطالبة عدد من ضباط وجنود الجيش بحق زملائهم وشدد على أنه أكد لهم أن حق شهدائهم لن يضيع فلا فرق بين مدنى وعسكرى.

وعاد الفريق ليتهم الإعلام بالنفاق والتحريض على الفتنة منذ أحداث ماسبيرو وحتى أحداث مجلس الوزراء، وتوعد كل من يثير الفتنة بين الجيش والشعب بالمحاسبة . وأكد عنان على ان قوات الجيش لو أردت أن تفض أى اعتصام بالقوة فلن يستغرق الأمر أكثر من ساعة إلا أن الجيش لا يرغب فى استخدام العنف ضد أبناء وطنه فعقيدته هى الدفاع عنهم، وطالب من يطالبون برحيل الجيش والشرطة بأن يرحلوا هم إلى أمريكا.

ولو كان هؤلاء يريدون الخير لمصر ولشعبها، كما يروجون لنظروا بعين الجد والعمل إلى حجم الخراب الاقتصادى والاجتماعى المتراكم من العهد البائد، الذى يعانى منة المجتمع المصرى من انخفاض مستويات المعيشة بصورة لم تعد مقبولة بكل المقاييس وبطالة وفساد وبلطجة وانحطاط قيمى وأخلاقى يحتاج منا جميعا إلى عمل متفانى و دؤب و الى إخلاص حقيقى . أن هناك مجتمعات عربية لا تخفى شماتتها لما وصل به حالة الشعب المصرى وعلى رأسها بلاد النفط الخليجى.

إن بناء المدينة الفاضلة التى يسعى إلى إقامتها المجتمع المصرى، أو الوصول إلى مجتمع أفضل شىء ممكن، مجتمع قوامة مساواة أكثر وعدالة أوفر وديمقراطيه حقه أكبر، أمر يمكن تحقيقه. ولكن ما نشهده اليوم فى مجتمعنا المصرى هو حلول الاحتجاج محل السياسة ومأساة الاحتجاج والسخط ومعها اختفاء الديمقراطية نفسها، وإذا لم تستعد الدولة الشعب فإن الشعب لن يستعيد الدولة، وهنا فقط تحدث الفوضى، وعندها ستحرق مصر ومعها كل المصريين.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Design by - mohamed ibrahem