الخميس، 20 أكتوبر 2011

كيف أنساها؟!

عدت إلى المنزل بعد عناء يوم دراسى طويل، فوجدت بالمنزل المواجه لنا عامل بناء، طاعنا فى السن، يقوم بنقل طوب حرارى إلى داخل المنزل.. ولكن الغرابة كانت تلك الطفلة الصغيرة التى كانت معه. فى البداية اعتقدت أنها حفيدته، ولكن بعد ذلك، عندما حدث ما حدث عرفت أنها ابنته.

طفلة تبلغ من العمر حوالى خمس سنوات، يبدو عليها الإرهاق والتعب وسط ثوب مهترئ يكاد يسقط منها لنحافتها.. نعم طفلة صغيرة مملوءة بالبراءة، فإذا نظرت إليها ينتابك إحساس غريب، ذلك الذى ينتابك عند رؤية شخص ما لأول مرة فتحفظ ملامحه عن ظهر قلب فإذا رأيته بعد ذلك ستتذكره بدون شك.. تقرأ فى عينيها الكثير من المعانى والمشاعر، ما بين الحزن والانكسار والإهمال، والخوف من شىء ما، لكن ما هو؟ لا أحد يعلم. كانت أمل تساعد والدها فى حمل الطوب حتى امتلأت يدها بحمرته.

ظللت أنظر إليهما من شرفة حجرتى حتى وجدتها تتجه نحو منزلنا، فأسرعت نحو الباب، فإذا بها تطلب كوبا من الماء لكى يشرب أبوها، فأعطيتها الكوب وسألتها عن اسمها، فردت باستحياء وعيناها تتحاشى النظر إلى.. فأردت أن أفعل أى شىء يسعد قلبها فأعطيتها جنيها، فأخذته وجرت نحو أبيها وقد تساقطت منها قطرات الماء.. أخبرت أمل أباها أنها تود شراء حلوى من المحل الواقع على الناحية الأخرى من الطريق الممهد للسيارات، لكن والدها رفض ذلك قائلا: (لن تذهبى إلا بعد انتهاء العمل)، فعادت أمل إلى يأسها مرة أخرى.

لم أفارق الشرفة أبدا طوال عملها هى وأبيها فى المنزل المواجه لنا. فعندما انتهيا من العمل أسرع الأب إلى المنزل وترك أمل بمفردها، أسرعت أمل لكى تعبر الطريق كى تشترى ما تريده، فإذا بسيارة ضخمة تصدمها، فاستلقى جسدها على الطريق وتجمع الناس حولها.. فأصابتنى حالة من الجمود، تلك التى تصيبنى عادة عندما يحدث شىء مفاجئ أو مفزع، ولكننى فجأة اندفعت نحوها فوجدتها مستلقاة على الطريق والدم يسيل من رأسها ويملأ شعرها الأشقر الطويل ومازالت ممسكة بالجنيه فى يدها.


0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Design by - mohamed ibrahem