السبت، 10 ديسمبر 2011

مصر ضاعت يا أولاد الحلال


فوجئت زوجتى بجارتنا أم زياد تطرق بابنا فى ساعة لم تكن تأتينا فيها من قبل، وأم زياد نموذج للمرأة المصرية بنت الريف الحيية والمتدينة بفطرتها والتى يقطر قلبها حبا ونقاء، كان وجه أم زياد قلقا على غير العادة وسألناها عن السبب... فقالت بحسرة: مصر ضاعت.. ثم استطردت: ألا تشاهدون الفضائيات، ألا تقرءون الصحف!؟ مصر تنهار كنا نتطلع إلى المستقبل فإذا بالحاضر يتبدد، لقد أراد زوجى أن يصطحبنى لشراء بعض الملابس فطلبت منه التمهل فربما أُجبرت على ارتداء النقاب بعد وصول الإسلاميين للحكم، وتساءلت مستنكرة... هل يعقل أن نترك البلد ليحكمها المتطرفون ونعود مرة أخرى لنمتطى البغال والحمير بعد هدم المتاحف وإغلاق البنوك، وتدمير السياحة والزراعة والصناعة والاقتصاد وبعد الاقتصار على تجارة السبح والطواقى والجلاليب والمسواك!! من منا يرضى بخراب مصر.. وضعت أم زياد يدها فوق رأسها وأطرقت ببصرها إلى الأرض فأدركت زوجتى أن المسكينة قد وقعت أسيرة لحفنة من الأوغاد خريجى مدارس الأبالسة والذين مكنتهم قدراتهم على النفاق من الالتحاق بالإعلام المسعور ليتصدروا المشهد الإعلامى رغم جهلهم الشديد وثقافتهم الضحلة، فراحوا يطاردوننا من خلال نوافذهم المشبوهة ليل نهار لا يخجل أحدهم لحظة من ممارسة الكذب والتضليل وتزييف الحقائق وترويج الشائعات، وتصوير مصر على أنها مرقص وملهى ليلى وماخور لشرب الخمر والغناء والرقص، وراحوا يتلاعبون بمشاعر البسطاء وترويعهم من المستقبل المظلم واللعب على وتر الاستقرار الذى سنفتقده بعد وصول الإسلاميين للحكم والصدام مع الشرق والغرب، وراحوا يتهمون الإسلاميين بتهم مضحكة تارة ومبكية أخرى مثل التأثير على الناخبين بالسكر والزيت وأطباق البصارة!! وقاموا بتسليط الأضواء على أى مخالفة لأنصار المرشحين الإسلاميين وتركوا مخالفات الآخرين مهما كانت فداحتها، لم يتحدثوا ولو مرة عن ثقافة وفكر وخبرات مرشحى التيار الإسلامى، كما تحدثوا عن أفكار وانفتاح الآخرين، طمست أبصارهم فراحوا يتهمون الشعب بالسذاجة وبالغباء وهو نفسه الشعب الذى كانوا يتغزلون فيه قبل سويعات من ظهور نتيجة الانتخابات التى حسمها الشعب لمن تواصل معهم من خلال الشارع وليس عبر الشاشات، لقد فضح هؤلاء أنفسهم عندما أشادوا بقدرات أبو الفتوح على قيادة حكومة انتقالية وإشادتهم بكفاءته ثم باحتفائهم بمصطفى النجار، وبنجاحه الساحق فى الانتخابات، وما كانوا ليفعلوا ذلك إلا بعد خروج الاثنين من جماعة الإخوان وكأن المشكلة فقط فى اسم الجماعة ومرجعيتها الإسلامية التى تزعجهم.. كانت زوجتى تتلعثم وهى تحاول تصحح المفاهيم المغلوطة لجارتنا فإذا بأصوات هادرة لمسيرة حاشدة من الشباب والشيوخ، من النساء والأطفال يجوبون الشوارع ويغنون بلادى بلادى لك حبى وفؤادى، فأسرعت زوجتى وجارتنا إلى الشرفة، ووقفت أم زياد منبهرة بالمسيرة ومدى التنظيم الرائع للشباب الذى يفرح القلب والفتيات اللائى لا يختلفن شيئا عن كل المصريات سواء فى الوطنية والانتماء أو فى التدين الفطرى وعرفت جارتنا أن هؤلاء هم "الإخوان المسلمون" يقومون بالدعاية الراقية لحزبهم "الحرية والعدالة" فأسرعت جارتنا بالانصراف ووقفت زوجتى تتابع المسيرة وأدهشها وجود أم زياد بين فتيات المسيرة تشد على أيديهن وتدعو لهن بالنجاح والتوفيق.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Design by - mohamed ibrahem