الخميس، 10 نوفمبر 2011

مصر بين ناقة عمرو ومطالب المعتصمين

كان أوّل من جبى خراج مصر فى الإسلام عمرو بن العاص رضى اللّه عنه، فكانت جبايته اثنى عشر ألف ألف (اثنى عشر مليونا) دينار بفريضة دينارين من كل رجل، ثم جبى عبد الله بن سعد بن أبى السرح خراج مصر أربعة عشر ألف ألف (أربعة عشر مليوناً) دينار، فقال عثمان بن عفان رضى اللّه عنه لعمرو بن العاص‏:‏ "يا أبا عبد اللّه درَّت اللقحة بأكثر من درِّها الأوّل"، فقال‏:‏ "أضررتم بولدها"، أى أن الخليفة عثمان رضى الله عنه يشبِّه مصر بالناقة التى كانت تدر لبنها فى عهد عبد الله بن أبى السرح بأكثر مما كانت تدرِّه فى عهد عمرو بن العاص، ولكن عمرو رد عليه بأنه لكى تدر الناقة أكثر تم تجويع أولادها، أى أنه تم حلب لبنها كلهـ ولم يتبقَ لأولادها شىء.

وهذا هو ما يحدث الآن فالكل يريد أن يحلب مصر ليمتص لبنها وخيرها كله دون النظر لحالتها الاقتصادية المتردية نتيجة سلبها ونهبها لمدة سنوات عديدة، تم استنزافها بلا رحمة، فكل فئة تريد أن تحصل على حقوقها بطريقة فورية، وكل يوم نرى اعتصامات وقطع طرق وإضرابات، كل فئة تريد تغليب مصلحتها الشخصية على مصلحة الوطن والمجتمع كله.

إن حالنا كحال صائم ظل صائما اليوم كله، ثم شعر بالجوع قبيل آذان المغرب بخمس دقائق فأفطر وأضاع ثواب يوم كامل من الصيام بسبب تعجله وعدم صبره. يقول الدكتور أحمد عكاشة – أستاذ الطب النفسى: "إن هذه المظاهرات الفئوية تشوه صورة الشعب المصرى وتظهره بمظهر سيئ، فمن أين تأتى الدولة بزيادة المرتبات فى ظل الحالة الاقتصادية الصعبة، ومع توقف عجلة الإنتاج فى كل المجالات؟ فالكل مضرب ومعتصم؟ كما أنهم يطلبون الزيادة من المجلس العسكرى الذى هو مؤقت، وليس من سلطته تلبية مطالب الشعب، بل هو مجرد سفينة إنقاذ تنقل البلاد لبر الأمان".. ويستطرد الدكتور عكاشة فيقول: "إن على المجلس العسكرى أن يخرج إلى الناس، ويخبرهم أنه لن يزيد مرتب أحد، وأنهم عليهم العمل بجد واجتهاد بدلا من الإضراب حتى تخرج مصر من هذه الكبوة". ولابد أن يخرج رجال الدين للناس ويفتون بحرمة قطع الطريق، لأن الغاية لا تبرر الوسيلة.. ولابد من التعامل مع هذا الأمر بحسم شديد وإصدار قانون يجرم قطع الطريق والمظاهرات الفئوية حتى لو اضطررنا لتطبيق حد الحرابة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Design by - mohamed ibrahem