الخميس، 10 نوفمبر 2011

كش ملك

منذ حدوث الثورة تضاربت الأقوال حول حالة الاقتصاد المصرى. هناك من قال إن أى شىء سيكون أفضل من ذى قبل، وهناك من قال إن الوضع سيزداد سوءا وهناك من انهمك فى الولولة على عجلة الإنتاج وكأنها عجلة صينى اتسرقت من قدام الدكان!

لكن ما الذى يحدث بالفعل؟ وما هى حقيقة الوضع الاقتصادى؟

قبل أن نجيب على هذا السؤال دعونا نعترف أن مشكلة مصر مشكلة عدالة اجتماعية من الدرجة الأولى قبل أن تكون مشكلة اقتصادية. بكل بساطة الاقتصاد المصرى شهد نموا هائلا فى الخمسة أعوام الماضية. لكن للأسف عدم وجود سياسات اجتماعية فعالة أثرت بالسلب على شعور غالبية الشعب بهذا النمو الاقتصادى.

لذلك بعد حدوث الثورة أخذت الحكومة على عاتقها إصلاح تلك العورات الاجتماعية عن طريق حلول مثل الحد الأدنى للأجور. المشكلة الحقيقية باتت مشكلة ما بين العرض والطلب. لقد تأثر دخل مصر بانخفاض السياحة وانعدام الاستثمار الأجنبى المباشر فتعاظم الفرق بين ما هو مطلوب وما هو متوفر من الأموال لكى تفى الحكومة بتلك الإصلاحات الاجتماعية. لذلك دخلت الحكومة الحالية فى سباق إصلاحى مقدر له الفشل قبل أن يبدأ.

وفى حركة أقل ما توصف "بالعنترية" أعلنت الحكومة عن عدم وجود نية الاقتراض. وفى مشهد أكثر غرابة أعلنت وزارة المالية أنه لا نية لفرض ضرائب تصاعدية والتى كان من المقدر لها أن تزيد حاصلة الدخل القومى.

وفجأة أصبح الاقتصاد فى حالة "كش ملك". المطالب صارت أكثر من أن يتحملها دخل الدولة، ونظراً لتدنى الوضع الاقتصادى قامت مؤسسة ستاندرد أند بور بخفض التصنيف الائتمانى لمصر للمرة الثانية فى خلال ٨ أشهر. هذا من شأنه أن يعمق من الأزمة الحالية لأنه سيزيد من أعباء الدولة حيث إننا - وبغض النظر عن العنترية - مضطرين للاقتراض.

ببساطة سيظل الاقتصاد المصرى عالقاً فى هذا الوضع إلى أن تنتهى المرحلة الانتقالية. لكن هناك للأسف فرصة إلى المزيد من التردى الاقتصادى فى ظل تعاظم المطالب الشعبية بالإصلاح وعدم توفر الدخل اللازم لأحداث تلك الإصلاحات.

نعم الوضع قاتم ولكن ليس هناك ما يمكن أن نفعله لعبور تلك الأزمة سوى أن نشارك فى العمل السياسى لكى تمر تلك المرحلة الانتقالية فى سلام ونخرج من هذا المأزق الحرج.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Design by - mohamed ibrahem