الخميس، 10 نوفمبر 2011

الثورة بين الرعاع والضباع

إن ثورةً أذهلت العالم وفرضت نفسها على مجريات الأحداث العالمية لا يمكن اختزالها فى مشهدٍ يسطع فيه مجلس عسكرى عنيد شديد المراوغة والدهاء وأحزاب كرتونية وحركات ذات مصالح شخصية أو تدعى الوطنية وهى رغم صدق نواياها لا تملك القدرة على مواكبة روح الشباب وقوة بأسهم وعزمهم على دفع التغيير دفعاً وعدم الاكتراث بمن يحاولون فرض وصايةٍ عليه أو وقف ثورته عند حدودها الدنيا.

لقد تعرضت الثورة المصرية التى أبهرت العالم وجعلت البشرية تحبس أنفاسها فى انتظار مخاض جيل حر عزم على توديع الفرعون وحاشيته وجنوده، لمحاولات عديدة تستهدف تقدمها خصوصاً وأن القائمين على حمايتها كما يزعمون هم من أبناء ومن سدنة النظام البالى الذى أفسد الأرض طولاً وعرضاً. وللأسف تمكن المتآمرون من تعطيل المد الثورى بعد أن أشعلوا نار الفتنة بين القوى التى أشعلت الثورة والقوى التى لحقت بها.

لا شك أن الحركات التى اشتاقت يوماً إلى تحقيق طموحاتها السياسية ساومت وتساوم فى كل وقت من أجل ترسيخ دعائم قوتها بعد أن حققت ما لم تكن يوماً تحلم بتحقيقه من اعترافٍ مجتمعى ورخصة قانونية. وقد ارتكبت تلك الحركات أخطاء كارثية وتاريخية بتعطيلها الزخم الثورى ومشاركتها فى لعبة تفريق الجموع الثورية الذى تآلفت على أهداف عامة ومشتركة. لقد فرقوا الجموع قبل تحقيق كامل الأهداف. ومع حرص الإدارة الحالية على تفريق الجمع والخروج من الثورة بأقل الخسائر الممكنة باعتبار أن مكاسب الثورة خسائر عند البعض، انصاعت هذه الحركات والأحزاب الواهية خلف وعود براقة وكلمات جوفاء لم تدرك حقيقتها إلا بعد انعزالها وانصراف العامة عنها.

قد يظن البعض أن من قاموا بالثورة ليسوا سوى رعاع يمكن السيطرة عليهم وإتباع نظرية "فرق تسد" معهم. لكن دراسة الحالة المصرية ومتابعة المشهد من قرب تدفع باتجاه الجزم بحقيقة مفادها أن من قاموا بالثورة ليسوا سوى نوع نادر من الضباع الجائعة التواقة للحرية. وأحذر كل من تسول له نفسه أو يراهن على ذكائه وقدرته على إخماد الثورة من أن يخرج من صفحات التاريخ مذموماَ مدحوراً بعد أن يتأكد من فشله فى تحقيق ما عجز عن تحقيقه الفراعين.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Design by - mohamed ibrahem