الخميس، 10 نوفمبر 2011

مأساة السفينة ميدوزا

فى عام ١٨١٦ عندما جعل الإنجليز لويس الثامن عشر ملكا على فرنسا، بعد هزيمة نابليون ونفيه إلى ألبا، تولى أحد الموالين له قياده السفينة ميدوزا، إحدى سفن البعثة المتجهة لاستعمار السنغال، فقد تقدم، هذا الرجل، بطلب تولى قياده إحدى هذه السفن، برغم أنه لم يكن أهلاً لذلك، لأنه لم يبحر لمده ٢٤سنة.

وبرغم اعتراض جميع طاقم السفينة على توليه القيادة، تجاهلت الحكومة الفرنسية المعارضة وفرضته على الطاقم كأمر واقع لا محالة، كانت السفينة تقل ٤٠٠ راكب، من ضمنهم حاكم السنغال المستقبلى.

بدأت الصراعات بين أفراد طاقم السفينة فى الظهور بسبب قلة خبرة القبطان وسهولة تأثره بآراء من حوله، واتخاذه أناساً غير أكفاء كمستشارين، بالإضافة إلى عجرفته الشديدة، وبشهادة إحدى الضباط: "حتى النساء بدأت تلاحظ قلة خبرته وتخبطه، وقد كان جميع طاقم السفينة العاملين تحت قيادته ساخطين على الوضع.


وتلبية لرغبة الحاكم فى أن يسبق بقية السفن، شرع فى الإبحار بقرب من الساحل المملوء بالحواجز الرملية، وهى منطقة يخشى أى بحار متمرس أن يبحر بها، وبرغم اعتراض البحارة، أصر على رأيه، وهم أطاعوه.

حدث ما لم يحمد عقباه، غرزت السفينة فى حاجز رملى، ولم يكن هناك عدد كاف من مراكب النجاة، فعملوا طوافات من خشب المركب.

فى مراكب النجاة، ركب صفوة الناس فقط تجنبا للزحام، وعلى الطوافة وضعوا ١٥٠ بحارا وربطوا الطوافة بحبال لمراكب النجاة، وأعطوهم القليل من المياه والطعام. ومع مرور الوقت، نظرا لأن الطوافة تعيق مراكب النجاة تم قطع الحبال وترك البحارة فى وسط البحر بدون طعام أو شراب كاف، أو حتى بوصلة.

وفى أول ليلة ضياع بدأوا يتقاتلون، ليس على الطعام أو الشراب ولكن تنفيساً عن هذا الغضب العارم نحو هذا القائد الهش، وانقسموا على أنفسهم، وفى هذه الليلة قتل حوالى نصفهم، وبقى حوالى 75فردا، وقد بدأوا يموتون من القتال ليلا، من الجوع، العطش والجفاف، تبقى منهم ١٥رجلا بين الحياة والموت، وقد عاش من عاش منهم لأنهم أخذوا يقتاتون من جثث الموتى، وبعد ١٦ يوما التقطتهم إحدى السفن، ورجعت بهم إلى فرنسا، حيث أثارت شهادة البحارة الناجين، غضبا عارما لدى الرأى العام الفرنسى.

سجلت أحداث هذه المأساة فى لوحه شهيرة لتيودور جيريكو وهى معروضة فى متحف اللوفر.

كانت هذه المأساة نتاج تولى الرجل غير المناسب، عديم الخبرة والكفاءة لهذه المهمة (حيث جعل الناس تأكل بعضها). فلنتخيل سويا لو لأننا وضعنا رجلا كهذا فى كل مؤسسة فى مجتمعنا، فما هو المصير؟ يا رب ولى أمورنا خيارنا.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Design by - mohamed ibrahem