الخميس، 10 نوفمبر 2011

عالجوا المرض وليس العرض

تفاءلنا خيراً أثناء ثورة 25 يناير، عندما ظهرت وتجلت مظاهر التوافق والتلاحم والتضافر بين عنصرى الأمة المسلم والمسيحى.. يد الله كانت مع الجماعة عندما رفعنا شعار "مسلم ومسيحى يد واحدة"، ورددناها من قلوبنا.. أسقطنا نظاماً فاسداً
ظل قابعاً على صدورنا وظهورنا بفساده وظلمه لعقود كثيرة.. انتصرنا لأننا تمسكنا بهدف واحد وفكر واحد مجتمعين على قلب رجل واحد.. روح التوحد التى جمعت عنصرى الأمة فى جسد واحد، أشعرتنا أن عهداً قديماً قد زال وعهداً جديداً قد بدا، ولكن ما بدا لنا بعد ذلك على العكس تماماً فلماذا؟

هناك عدة أسباب:
1- موروث الخلاف الدينى والفكرى متراكم وثقيل استمر تراكمه لعقود كثيرة
2- استقبال عقولنا لأفكار دينية متطرفة تبث عبر قنوات غير شرعية من دعاة متطرفين تحض على نبذ الآخر وكرهه، وعدم تقبله فى المجتمع
3- التخطيط المستمر والسياسات الخاطئة لزرع بذور الفتن كانت من أولويات أعمال النظام البائد، لتدب الخلافات بين أفراد الشعب لإلهائه وانشغاله حتى يفعل النظام ما يريد من خطط التوريث ونهب الثروات فى غياب وعى الشعب
4- اختفاء وتقزيم دور الأزهر الشريف والكنيسة أمام عمالقة الفضائيات المشبوهة التى تبث سموم الفتن والتطرف لتصيب الجسد المصرى وتضعفه.

كل هذه الأسباب جعلت أحداث ومظاهر الفتن تتكرر وتشتعل من حين لآخر، وفى أماكن مختلفة على أرض مصر حتى بعد الثورة.. رواسب وشوائب التطرف الفكرى والعقائدى الذى بث فى العقول لا يمكن إذابتها بسهولة.. نكذب على أنفسنا عندما نقول إن أصابع خفية خارجية أو داخلية أو فلول نظام سابق هى السبب الرئيسى تعبث وتريدها ناراً مؤججة.

حتى ولو كان هذا صحيحاً فإن الأرض ممهدة لذلك، والعقول مهيأة ومستعدة لتقبل لأى فكر يؤدى لإشعال النار.. والحاصل أننا نتوارى خلف ستائر تحجبنا عن الواقع الأليم، ونلتف حول الأسباب الزائفة وندفن رؤسنا فى الرمال.. ندير وجوهنا عن الحقيقة بمرها الذى ذقناه ونعرف طعمه جيداً.. ونعالج العرض بأقراص الشعارات والتصريحات والكلمات المهدئة المسكنة التى ما يلبث أن ينتهى مفعولها حتى تعود الآلام أشد وأنكى.. علينا إذن مواجهة المرض أياً كانت مراحله.. نحتاج الآن لحكماء الأمة للوقوف أمام هذا التيار العرم الذى لو استمر سيأخذنا إلى مستقبل مجهول، نحتاج لرجال مخلصين لهذا الوطن لإعادة زرع بذور المحبة ونبذ الخلاف.. يجب إذابة جلطات الفتن التى سدت شرايين الأمة، عن طريق تكوين خلايا تنويرية يشترك فيها رجال الدين والتعليم والإعلام من الجانبين تحمل مشاعل الفكر السليم ومبادىء الدين الصحيح، وتجمع شتات الأمة.. فشجرة الفتنة الخبيثة التى زرعت على أرض مصر الطيبة يجب أن تجتث من جذورها التى تعمقت فى باطن الأرض.. علينا أن نبدأ بداية سليمة وحقيقية تشفى جسد الأمة لتستعيد عافيتها حتى ولو كان ذلك على المدى الطويل لتعود يد الله معنا.. ونعبر إلى المستقبل الذى نحلم به جميعاً.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Design by - mohamed ibrahem